اعلام جامعة بابل - كلية الطب

(ليلة من الوجع ) قصة قصيرة.
الثانية بعد منتصف الليل، تبدو الأحداث على غير مايتوقعها ( الحاج كامل ) ، لكنه لم يكن يهتم لما قد قيل عن هبوب العواصف الرملية القادمة من الصحراء ، والتي تحمل في طياتها الكثبان التي ستطمر شوارع المدينة ، والأشجار التي زرعها قبل يوم واحد في الحائط ، المجاور لبيته.
وقف أمام المرآة وراح يحدق بأسنانه المتراصفة، اللؤلؤية، التي كان يتباهى بها، أينما حل .ولطالما كان يقول: أن تراصف الأسنان ، وجمالها هو العنوان الحقيقي للمرء.
ولم يكن يهتم ، بل لم يفكر بما كان يرعب الناس من الأخبار التي راحت تؤكد أن الأرتصاف الذي سيحدث للقمر والمريخ والزهرة والمشتري مع الأرض والجهد الناتج عن الشد الجذبي، الذي سوف ينشط الألواح في الصفائح التكتونية، مما يتسبب هذا في زلزال مدمر لا تقدر عليه الحسابات الرخترية كلها .
ولم يظن أن للقمر مهمة تتسبب في جعل جبة الأرض مدمرة ، وكل ما كان يظنه أن للقمر أشعة تجعل العشاق في غاية الانشراح ، تؤثر عليهم فيندفعون بخيالات جميلة ،فيسترسلون بأعذب الكلمات ، وأعتبر ان هذه التصريحات هي إساءة للقمر وللزهرة الجميلة .
كان يتقبل هذه الأفكار بسهولة ، ولم يفكر بتلك الأخبار التي تشير الى الخط الزلزالي ، والصفائح القابلة للانزلاق ،وتيارات الحمل التي تنتج ضغطا كبيرا على الألواح ،والصفائح التي تتصادم أو تتباعد فتنتج تيارات بخطوط الفالق الزلزالي.
هو يعرف أن دوران الأرض والقمر ، لأنتاج شهر معلوم ، يستلم في نهايته راتبه ، الذي تم حجبه عندما أحيل على التقاعد ،فعليه أن يسدد ما تبقى في ذمته من السلفة التي اقترضها لبناء بيته.
وأعتبر ان هذه ثغرة قانونية أشد وأمضى مما تسببه الحركة في الصفائح التكتونية ، فقد ظل وأسرته لا يتمكن من العيش ،وأصبح في محنة كبيرة ، وهو يواجه هذا الزلزال الداخلي ، اضافة الى ذلك اللهب الذي يستعر فيه ، والذي جعل كل أفراد الأسرة، يتألمون مثله .
ومع انطلاق أول صياح للديكة، نظر الى الساعة الجدارية، أنه موعد الأذان ، فتح الصنبور ، ترك الماء البارد ينساب ، منتظرا وصول بعض قطرات من الماء الدافئ الناتج من تسخين ساعة واحدة فقط ، من وجود التيار الكهربائي ، توضأ ، أكمل صلاته ، وهو ينتظر الصباح لعله يجد من يساعده .فيما كانت زوجته داخل المطبخ لتعد ما تجده من ميرة أوشكت على الانتهاء.
قال لها : أشعر أن قطعة من النار تلتهب في فمي ، بل في كل جسدي ، لم أنم لحظة واحدة .
قالت : تحامل على نفسك ، سنذهب الى الطبيب بعد قليل ، لقد علمت ان هناك من سيقدم لنا العلاج دون أجر .
توقف عن عض قطعة القماش الكبيرة المحشوة في فمه ، وهو يهمس بصوت منكسر ، مجانا!! هذا في الأحلام، لم يعد هناك أي شيء مما تقولين ، لا مروءة ولا قانون ، أطرقي باب جارنا ، لعله يقرضنا مبلغا من المال ، دون أن يستغل ضعفنا.
لا تخف يا حاج ، سنذهب الى كلية طب الأسنان، وسترى هناك ما لم يخطر ببالك ، اصبر قليلا ، ستتعالج هناك .
لم يكن يصدق أن الأمر سيكون كما تصفه الزوجة ، وهما يدخلان الى أروقة مكان في غاية الروعة والجمال ، مكان يعيد المرء الى صباه ، كان يتمنى أن يطوف في تلك الجنينة الجميلة التي تنفتح بوجه الشارع الكبير المرصوف بعناية لينقسم الى قسمين تنتشر هناك مجموعة مقاعد خشبية جميلة ، يجلس عليها طلبة الكلية ، بشكل دائرة مزينة بالأشجار العالية لتلتقي في ممر ، يصب في المدخل الرئيسي للكلية .
قاعة كبيرة، على جهة اليسار طاولة خشبية ، وقف إلى جانبها أحدهم ، وعلى جهة اليمين تنفتح أمامه القاعة الممتلئة بالناس ، وعرف أن كل هؤلاء مرضى ، لم يجلس معهم ، كان يراقب تلك الوجوه ، الأطباء والطبيبات ، وهم كخلية النحل ، تمنى أن تكون هناك بقية في العمر ، وضع يده على ذقنه هامسا ،( أن الأماني رأس مال المفلسين) ، ولكن لا ضير أنه زمن الأبناء ، حمد الله على هذه النعمة .
استدار مسرعا الى جهة أخرى ، كان يرغب بمشاهدة كل شيء ، قاعات الدرس الكبيرة الأنيقة الممتلئة بالطلبة .
وقاعة كبيرة فيها مؤتمرا علما يجلس هناك أساتذة طب الأسنان ، يتابعون التطورات الأخيرة في هذا الأختصاص.
، كان يتمنى أن يدخل المكان ، فطلبت منه زوجته أن يعود الى قاعات يتدرب بها الطلبة ، فالوقت يمضي سريعا .
قفل راجعا خلف زوجته ، التي راحت تحث الخطى الى داخل قاعة كبيرة أخرى ، قد توزع فيها المرضى ، كل في مكانه . في تلك اللحظة ، شعر أن الألم مازال بعد يغلي في فمه .
استقبله دكتور محمد قائلا : تعال معي يا حاج ، أجلس هنا
أمتدت يد ذلك الخبير ، كان في بداية شبابه ، شعر الحاج كامل بمودة كبيرة مع هذا الطبيب ، المعطر برائحة الورد ، والذي أتم الأمر بدقائق فقط .
لم يكن يصدق، أن الألم سيغادره بهذه السهولة ، ومن دون أن يفكر ، لامس بفمه ظاهر يد الطبيب ، بقبلة حارة لم يقبلها لأحد من قبل .
خطف الطبيب يده بسرعة كبيرة مرتبكا ، ماذا فعلت يا شيخ ؟ أنت كوالدي .
ظلت قبلة الشيخ هذه على يد الطبيب يتحسسها دائما ، ويشكر الله ، أنه في عمل إنساني مهم .
وفي أحدى الجلسات ، عندما كان عميد الكلية يتحدث ، قائلا : أن عمل الطبيب هو العمل الانساني الأول في كل مكان وزمان، وأنه من الواجب أن نقدم الأفضل لأبناء بلدنا ، فهم يستحقون الكثير ، وخاصة كبار السن، والمحتاجين .
فأخبرهم هذا الطبيب ، أنه لا ينسى قط ما فعله الحاج كامل
عندما ، وسكت الطبيب، لم يستطع أن يقول ، قبل يدي ، بل قال : هم بتقبيل يدي ، فشعرت أن عملي كله يتراجع أمام قبلة رجل طاعن في السن .
الكاتب حسين العزيز الاعرجي.

الصور:

اعلام جامعة بابل - كلية الطب
اعلام جامعة بابل - كلية الطب
اعلام جامعة بابل - كلية الطب
اعلام جامعة بابل - كلية الطب
اعلام جامعة بابل - كلية الطب
اعلام جامعة بابل - كلية الطب
اخبار الاقسام العلمية
احداث علمية قادمة
دعوة لحضور الملتقى العلمي لزراعة الاسنان واخر مستجداته

نشر بواسطة: انور طه جواد الحربي

تاريخ: 25/04/2024

دعوة لورشة عمل

نشر بواسطة: انور طه جواد الحربي

تاريخ: 13/02/2024

دعوة لدورة توعوية

نشر بواسطة: انور طه جواد الحربي

تاريخ: 24/10/2023

دعوة لندوة توعوية

نشر بواسطة: انور طه جواد الحربي

تاريخ: 24/10/2023

دعوة لحضور ندوة

نشر بواسطة: انور طه جواد الحربي

تاريخ: 22/10/2023